26 - 06 - 2024

تباريح | بين الحيلة والمؤامرة

تباريح | بين الحيلة والمؤامرة

(أرشيف المشهد)

30-5-2013 | 22:25

إن لم تكن المفاوضات التي تمت مع خاطفي الجنود السبعة مجرد حيلة لإطلاق سراحهم وصون دمهم من أن يراق ، يتم بعدها تعقب الخاطفين وجلبهم إلى العدالة ، فإنها تمثل فعلا شائنا يستدعي محاكمة المشاركين فيه بتهمة الخيانة العظمى والإضرار بهيبة الدولة التي يجب أن تظل مصانة ، وبمنآى عن المناكفات السياسية.

منطق "أهلي وعشيرتي" لايصلح لإدارة دولة ، فأهل وعشيرة الرئيس هم كل مصري ولا ينبغي حصرهم في جماعة أو حزب ، وإلا أصبح غير راشد ولا مؤتمن .. وعبارات المرشح قبيل انتخابه ينبغي أن تتغير وكذلك أفكاره وسلوكه الشخصي ، كما كان ينبغي أن يفك روابطه بحزبه منذ اللحظة الأولى لمصلحة جماعته أولا ثم لمصلحته الشخصية.

والربط الذي استمر ولا يزال مستمرا هو ربط قاتل وتصرف غير ناضج ، يهدد التجربة بالفشل ، إن لم تكن قد فشلت فعلا .

منطق الدول يختلف عن الجماعات ، والسياسي في واد بينما الديني في واد آخر ، ولذلك أحس الناس بتناقض كبير بين جماعة الإخوان المناضلة ضد السلطة ، والجماعة نفسها حينما أصبحت حاكمة ، فالرؤى تغيرت والقناعات تبدلت ، وما كان يتم الدفاع عنه باستماتة أمس يتم تبرير نقيضه . والشيء الوحيد الذي لم يلحقه تغيير ولا تبديل هو أن محمد مرسي الرئيس لايزال مجرد قيادي في جماعة الإخوان يلتزم لهم بالسمع والطاعة ، وهو ماجعل الجماعة كيان أعلى من الدولة بمؤسساتها وأجهزتها وسطوتها ، ومن ثم تهان الدولة من غير حكامها الذين انتخبهم الناس لإدارة شؤونها . وفي وقت المحاسبة سنجد أنفسنا أمام كائن أخطبوطي بألف ذراع .. لا نعرف ممن نقتص ولا من نحاسب .

ساعات أو أيام وينكشف الغبار .. فالأحاديث المتواترة عن صفقة إطلاق الجنود يجب أن تكذب بالفعل لا بالقول ... هناك خاطفون يجب أن يمثلوا أمام العدالة ، وسجناء يجب أن يدفعوا ثمن جرائمهم السابقة ووسطاء بقيادة الرئيس مرسي يجب أن يكرموا إذا تبين أن مافعلوه نوعا من الدهاء السياسي أو يساقوا إلى ساحة العدالة إن كان فعلهم يضر بهيبة الدولة وأجهزتها أو يحابي مجرمين على حساب الوطن، وذلك لمجرد أنهم ينتمون لجماعة دينية تتقاسم نفس الأهداف مع الجماعة الحاكمة وتابعيها .

تراث الدولة تراث عميق راكمته الأجيال عبر عقود طويلة ، وأي نكوص أو ارتداد عنه يمثل كارثة ، أما تفرض جماعة منطقها وتحالفاتها وشبقها السياسي على الدولة ، فهذه ردة ، وعلى جماعة الإخوان أو جماعة أخرى تصعد للسلطة أن تدرك جيدا أنها جماعة من مصر وليس جماعة فوق مصر .. مصر كعبها عال ، فلا تستثيروا غضبها وهي إن غضبت بطشت وحينها لن يعصمكم جبل من الماء.

مقالات اخرى للكاتب

تباريح | مصر ليست مجرد أغنية!





اعلان